مدخل ونسق بشارة يوحنا اللاهوتي

يقتفي الانجيل الرابع آثار تقليد قديم راسخ فيروي ما جرى منذ أيام يوحنا المعمدان إلى اليوم الذي انتقل فيه الرب يسوع إلى مجد الآب رسل 1 : 21 ، 22 المؤلف عبارة عن شهادة ولا شك أن يوحنا أراد أن يؤلف إنجيلاً بكل معنى الكلمة فبعد الاستهلال بمقدمة لاهوتية على جانب كبير من الفخامة يوحنا 1 : 1 ، 18 يروي في قسم أول احداثاً وتعاليم مترابطة يوحنا 1 : 19 ، 12 ، 50 القسم الثاني فهو رواية مفصلة لأحداث الآلام وترائيات المسيح الذي قام من بين الأموات يوحنا 13 : 1 ، 21 : 25 يقول لنا صراحة في خاتمة وجيزة يوحنا 20 : 30 ، 31 إنه قد اختار عدداً من الآيات عني بأن يستخلص معناها وفحواها ليحمل المسيحيين الذين يوجه الكلام اليهم على التعمق في ايمانهم بيسوع مشيحاً وابناً لله فينوا حياتهم باتحادهم بالله وهذا ما جعله يتخذ موقفاً يواجه فيه مختلف الانحرافات التي كانت تهدد المسيحية في أيامه ليس من اليسير ان نستخلص بكثير من التفصيل ذلك التصميم الذي رسمه المؤلف اجل ان اكثر الأحداث هي واضحة المعالم ولكننا لا نرى بجلاء ما هي القواعد التي بموجبها رتبت تلك الآحداث وما يزيد الأمر حرجاً هو ان هناك من يرون ان بعض الأقسام نقلت من مكان إلى آخر وان ذلك الرأي سؤال ما يزال قائماً فقد يبدو من المستحسن ان ننقل الفصل الخامس على سبيل المثل إلى ما بين يوحنا 7 : 15 ، 7 : 16 في ذلك توحيد لترتيب المواد الجغرافي أي ان الأقامة في الجليل يليها نشاط طويل في أورشليم يوحنا 4 : 43 ، 54 ، 6 : 1 ، 7 ، 13 لكن لا بد من الأعتراف بأن تلك النظريات لا تستند إلى أي تقليد ورد في الأصول لا تاخذ بعين الأعتبار مرونة قواعد التقليد الشفهي التاليف العبري التي لا تخضع دائما لما يقتضيه منطقنا فليس هناك ما يؤكد أن يوحنا قد التزم في كل مكان لقواعد واحدة في التأليف أو أنه أتم وضع مؤلفه على وجه تام أما نحن فإننا نكتفي بأن نرى في الأنجيل الرابع سلسلة أحداث لم ترتب ترتيباً دقيقاً بل تلائم بعض التطور في المجابهة بين يسوع والعالم من جهة وتقدماً عسيراً من جهة أخرى تحرره معرفة المؤمنين في الجليل أولاً ثم في أورشليم خاصة 

تعليقات